يولد الطفل حسب فرويد، كتلة من الطاقة الغريزية، ذات الدفاعية القوية، وهي تتجه نحو البحث عن إرضاء حاجاتها ورغباتها تحقيقا لمبدأ اللذة وتجنبا للأم، وهذه الطاقة يسمها فرويد اللبيدو والتي تعتبر النواة الطفلية للاشعور الإنساني، وهي تتمركز طيلة فترة النمو في مناطق الجسد، وتسمى المناطق الشبقية و تتغير حسب التقدم في السن. ولقد قسم فرويد مراحل النمو الوجداني العاطفي حسب تطور تموضعات الطاقة الليبدية في مناطق العضوية البيولوجية للطفل والمواقف السلوكية التي تنتج عنها في إطار التفاعل بين الأنا الطفلي والمحيط الاجتماعي. ويمكن أن نقسم المراحل النمائية الوجدانية للطفل. حسب فرويد إلى أربعة مراحل أساسية:
المرحلة الفمية: وهي تمتد من الميلاد إلى السنة الأولى، وتتميز بتمركز الدوافع اللبيدية في منطقة الفم الذي هو مصدر الغذاء والتعرف والتواصل مع العالم الخارجي. ويعتبر الطفل، في هذه المرحلة، ثدي الأم وباقي العالم الخارجي امتداد لذاته (عدم التمايز) وتعتبر الأم في هذه المرحلة حاسمة في تأثيرها على شخصية الطفل الوجدانية. وتنتهي هذه المرحلة بالفطام.
المرحلة السادية - الشرجية: وتمتد من السنة الثانية إلى السنة الثالثة حيث يستقبل الطفل ولأول مرة أخلاقيات سلوك التخلص من الفضلات والتربية على النظافة وتتشكل بذلك النواة الأولى للأنا الأعلى، وتعتبر هنا منطقة الشرج هي المنطقة الشبقية التي من خلالها يستثمر الطفل طاقاته اللبيدية، وقد سميت هذه المرحلة بالسادية لأن الطفل يمارس فيها بعض النزعات السادية تجاه أمه بواسطة عملية التبرز التي قد تسبب مشاكل للأم...
المرحلة القضيبية: وتمتد من السنة الرابعة إلى السنة الخامسة حيث تعتبر هذه المرحلة بداية اكتشاف العضو التناسلي الخاص بالطفل والتعرف على الجنس الآخر ويبدأ الطفل الإدراك الأولي لوظائف هذا العضو مما يدخله في تجارب جنسية استيهامية، وفي هذه المرحلة يعيش الطفل تجربة الإخصاب والتساؤل عن عدم وجود القضيب عند الأنثى، وهذه التجربة هي المدخل الحاسم لانتقال الطفل إلى تجربة الأوديب.
المرحلة الأوديبية: وتبتدئ من حوالي السنة الخامسة أو السادسة إلى السنة السابعة وبعدها أحيانا، هنا يعيش الطفل الذكر صراع امتلاك الأم كموضوع لبيدوي، وامتلاك الأب بالنسبة للأنثى كموضوع رغبة جنسية كذلك، حيث يتم اشتغال وبناء اواليات الثماهي والتقمص التي تحدد السيمات السيكولوجية للهوية الجنسية للذكر والأنثى. وفي هذه المرحلة تتطور الطاقة الليبدية نحو الانفصال عن الجسد الطفلي للتمركز في الخارج (مواضيع خارجية) والنزوع لتبني نماذج جنسية خارجية.
وبعد هذه المرحلة الرابعة من النمو الوجداني للطفل تأتي المرحلة الموالية وهي مرحلة المراهقة التي تصادف مرحلة التمدرس والتي يمكن تقسيمها إلى فترتين:
فترة التمدرس الأولي: وتمتد من السنة السابعة إلى السنة الثانية عشر، حيث ترى مدرسة التحليل النفسي أن الطفل يأتي إلى المدرسة وهو يحمل مخلفات الصراع الأوديبي، ويعتبر المعلم وخصائص شخصيته وجنسه (ذكر أو أنثى) عاملا حاسما في إخصاب نزوعات الطفل الوجدانية وثمثله للسمات الجنسية لذاته وللجنس الآخر بأبعادها الجنسية والاجتماعية والأخلاقية. وغالبا ما تنتهي هذه المرحلة عند حدود أواخر السنة السابعة لتبدأ مرحلة الكمون والتيتمتد من أواخر السنة السابعة إلى المراهقة. وتتميز هذه المرحلة بتضاؤل النزوعات الجنسية والدوافع الليبدية، التي ظلت تتفاعل وتعمل طيلة المراحل السابقة، مقابل إعطاء الاهتمام والانسياب من طرف الطفل تجاه الالتزامات العائلية والمدرسية والدينية والسوسيوـ ثقافية عامة. والطفل، خلال هذه الفترة، يعيش حالة شبه توقف أو وضعية خمود الطاقة الغريزية باتجاه تغليب منطق الواقع على منطق الهو (مبدأ اللذة). ويكون الجهاز النفسي خلال هذه المرحلة في وضعية تنظيم وترتيب المكونات الداخلية، التي تستمر في تشكيل القاعدة الأساسية لشخصية مرحلة النضج.
فترة التمدرس الثانية: وتسمى بمرحلة المراهقة وتمتد من سن 11/12 إلى حوالي سن 17، حيث يرى فرويد بأن الطفل المراهق يصل خلال هذه الفترة (المراهقة) إلى مرحلة نضج التموضعات الغريزية للطاقة الليبدية في علاقتها بالمواضيع الحقيقية. وقد سمى فرويد هذه المحطة النمائية بعتبة النضج الجنسي، إذ يتحول الموضوع الجنسي من البعد الاستيهامي إلى البعد الحقيقي ( الواقعي).ويحاول هنا المراهق أن يحقق أكبر قدر ممكن التوازنات بين اندفاعات رغبات الهو والالتزامات الضاغطة للواقع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق